كتاب قرأته

دع القلق وابدأ الحياة

في الفصل الثاني من كتاب : "دع القلق وابدا الحياة يتحدث الكاتب عن الوصفة السحرية 
للتخلص من القلق ، وقد استوحى ديل كارنيجي هذه الوصفة من تجربة احد اصدقائه وهو مهندس يدعى :ويليس كاريير صاحب شركة - كاريير-الكبيرة بنيويورك، المتخصصة في صناعة الات تكييف الهواء .
هذا المهندس تعرض في شبابه لموقف كاد ان يفقد بسببه وظيفته ، وعرضه للقلق لدرجة فقد معه طعم الحياة ، وقض مضجعه ، وحرمه من النوم ليالي عديدة . فاهتدى الى ابتكار خطة حكيمة مكنته من التخلص من القلق .  
 هذه الخطة التي سماها ديل بالوصفة السحرية ، تعتمد على ثلاث خطوات :  
1 . الخطوة الاولى : عوض السماح للقلق باتساعه ، والوقوع فريسة لتشتت الدهن ، ينبغي التامل في الاسباب الحقيقية لهذا القلق ،وتوقع اسوأ النتائج 
 2. الخطوة الثانية :   الاستعداد لمواجهة النتائج والتسليم بالواقع .
3 . الخطوة الثالثة :  عدم اتخاذ موقف سلبي ، والاسراع الى انقاد ما يمكن انقاده . 
 وبفضل هذه الخطة تمكن المهندس من تجاوز اصعب مرحلة في حياته ، واستطاع ان ينتصر على القلق في النهاية .بل اخذ يطبق هذه الخطة كلما تعرض للقلق خاصة في مجال العمل .
ثم يعطي امثلة اخرى لاشخاص تغلبوا على القلق بفضل نفس الوصفة السحرية ، مثل ذلك الرجل الذي مرض بقرحة المعدة ونصحه الاطباء بالابتعادعن التدخين والخمر وبعض الاغذية المفضلة ليه ، بل ان بعض الاطباء اخبره بان شفاءه ميؤوس منه ولم يبق امامه الا اياما معدودة ويودع هذه الحياة..  لكن هذا الرجل لم يستسلم للقلق ، وقرر ان يسافر ، ان يزور اكبر عدد من البلدان فلطالما تمنى ان يحقق هذه الامنية وهذه هي الفرصة المناسبة فليغتنمها قبل ان تدركه يد المنون . 
وبالفعل حجز تذكرة السفر على متن الباخرة وارسل لزوجته رسالة يخبرها بانه يتمتع بوقته في السفينة ويدخن ويشرب ضاربا بعرض الحائط نصائح الاطباء وتعليماتهم . والغريب في الامر ان هذا الرجل حمل معه تابوته في السفينة توقعا للموت في اية لحظة .  لم يصدق ما كان يتوقعه الاطباء ، لم يتمكن الموت من التسلل الى هذا الرجل ، فقد زار الصين والهند وشاهد اناسا يموتون من الجوع والحرمان ، وكسب صداقات جديدة.ثم باع تابوته وكانه يسخر من قدره . وكتب له ان يعمر طويلا . 
فلو استسلم هذا الرجل للقلق من الموت لمات بالفعل . ينصح ديل بتجربة هذه الوصفة السحرية عند التعرض الى ما يستدعي القلق وتطبيق خطواتها الثلاث ،لانها وصفة ناجعة حسب رأيه .
في الفصل الثالث من كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" يفسر "ديل كارينجي" كيف يؤثر القلق في الإنسان ويؤدي إلى إصابته بعدة أمراض عضوية ،منها قرحة المعدة واضطرابات القلب والصداع والم الرأس والسهاد ،وبعض أنواع الشلل .وتفسير  ذلك أن الخوف يسبب القلق الذي بدوره يتسبب في توتر الأعصاب ،ومن تم تتأثر العصارات المسؤولة عن عملية الهضم ،فتتحول إلى عصارات سامة تخلق أمراض قرحة المعدة ولذلك يقول الدكتور "جوزيف ف.مونتاجي":(إن قرحة المعدة لاتأتي مما تأكله بل مما يأكلك ).
 وهذه الحقيقة مبنية على عدة دراسات ميدانية أثبتت أن الأمراض العضوية غالبا ما تنشأ من الخوف والقلق والتوتر ،والفئة التي ينطبق عليها هذا الأمر هي من فئة رجال الأعمال  في سن الأربعين أو الخمسين ،فهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالجهاز الهضمي والدورة الدموية والقلب .
وهذا شيء طبيعي فمعظم رجال الأعمال لا يفكرون إلا في النجاح ويخافون من أن تتعرض شركاتهم للانهيار ،ومشاريعهم للفشل يسهرون الليالي الطوال في مراجعة الحسابات، وإيجاد الحلول لما يعترض طريقهم من مشاكل .إذا أخذنا واحدا من رجال الأعمال وقارناه بمزارع بسيط مثلا ،نجد أن هذا الأخير يعيش حياة تكاد تخلو مما ينغص عليه حياته ويكدر صفو عيشه ،وقرحة المعدة وارتفاع ضغط الدم وغيرها فهي مجرد كلمات  يسمع بها فقط.ولعل  أفلاطون لم يجانب الصواب عندما قال :(إن أكبر أخطاء الأطباء أنهم يحاولون علاج الجسد دون العقل  في  حين أن العقل والجسد وجهان لشيء واحد، فلا ينبغي أن يعالج أحد الوجهين على حدة).ولذلك ظهر نوع جديد من الطب يسمى "الطب النفسي الجسماني"وهو خاص بعلاج الجسم والنفس معا.
 ويقدم "ديل كارنيجي" أمثلة عديد في هذا الصدد لأشخاص فتكت بهم الأمراض بسبب الخوف والتوتر والقلق ،وهم نماذج من رجال وأرباب الشركات والمساهمين في البورصات ،ولذلك يقال في أدبياتهم المتداولة ما مفاده أنه :"عندما تهبط قيمة الأسهم في البورصة ترتفع قيمة السكر في البول والدم بين المضاربين".

ومن الحقائق التي توصل إليها "كارنيجي" أن من يعاني من نوبات القلق تنتقل العدوى منه وتصيب من هم أقرب إليه  من الأصدقاء والزملاء  وأفراد العائلة،وأن معظم حالات الانتحاروالجنون سبهها القلق والتوتر.
تطرق "ديل كارنيجي " في الفصل الرابع من كتابه (دع القلق وابدأ الحياة) إلى كيفية التخلص من القلق باتباع طريقة ناجعة تعتمد على ثلاث خطوات وهي :
* استخلاص الحقائق.
*تحليل الحقائق.
* اتخاذ القرارات الحاسمة.
وهي نفس الطريقة التي كان ينهجها "أرسطو" وقد أتبتث هذه الطريقة فعاليتها،كما يؤكد ذلك "هربرت هوكس" عميد كلية كولومبيا فقد ساعد هذا الشخص عددا كبير من طلابه على حل المشاكل التي تعترض طريقهم وبالتالي التخلص من القلق باتباع هذه الطريقة من استخلاص الحقائق قبل التفكير في أي شيء آخر مع التجرد من العاطفة والذاتية .وهذه الطريقة تساعدعلى التركيز وحصر أسباب القلق واستخلاص حقائه بكل موضوعية ،ويستحسن  تدوينها في ورقة.لان ذلك يساعد على اتخاذ القرار الحاسم وبدون تردد لأن إطالة التفكير في القلق لايزيد الا من اتساع دائرته .وقد قدم "ديل كارنيجي" أمثلة كثيرة على ذلك.
وفي الفصل الخامس يقترح ديل كارنيجي على رجال الأعمال بالخصوص طريقة للتخلص من القلق ولو بنسبة خمسين في المائة وهذه الطريقة تعتمد على محاولة الإجابة على أربعة اسئلة وهي:
* ماهي المشكلة؟
* ما سبب المشكلة؟
* ماهي الحلول الممكنة؟
* ماهو الحل الأفضل؟
وقبل المرور إلى الفصل السادس يقدم الكاتب بعض الاقتراحات للاستفادة من كتابه هذا الذي نحن بصدد قراءة بعض الصفحات منه ومن بين هذه الاقتراحات : خلق الرغبة في العمل بالمباديء التي جاءت في الكتاب،التمعن في قراءة فصوله وإعادة قراءتها مرتين أو ثلاثة، اعتبار الكتاب مرشدا عمليا في محاربة القلق هذا العدو اللدود الذي يقتل في صمت.
كيف تطرد القلق من ذهنك؟
في الفصل السادس بعنوان : كيف تطرد القلق من ذهنك.ينطلق الكاتب من قصة واقعية لأحد معارفه، وملخصها أن هذ الشخص تعرض في بدايةحياته لاحداث مأساوية تمثلت في موت ابنته ذات الخمس سنوات وقد كان يحبها كثيرا . وبعدها رزق بطفلة لم تعش إلا خمسة أيام ثم التحقت بأختها الاولى، مما أدخل الأب في دوامة من الحزن والقلق فقد معها طعم الحياة ،إلى ان رزق بطفل يحمد الله عليه وإليه يرجع الفضل في التغلب على قلقه ونسيان همومه وأحزانه ، كيف ذلك؟
هذا الطفل كان دائما يلح على والده بأن يصنع له قاربا ،ولكنه كان يتهرب ويتحجج .ففكر أن يصنعه له ليتخلص من إلحاحه ،وبالفعل تمكن من صنعه في ثلاث ساعات لم يشعر كيف مرت، لأنه كان يشعر بمتعة عجيبة أنسته همومه وقلقه ،ومن هنا  أدرك  أن الانشغال ببعض الأعمال وخاصة إذا كان فيها ابتكار و إبداع ،بإمكانها أن تذيب الأحزان ،وتبدد الهموم وتخفف من حدة التوتر والقلق.


< لاوقت للقلق> هذه العبارة كان دائما يرددها "ونستون تشرشل"بالفعل لأنه كان مشغولا بمسؤولياته كرئيس دولة وجدت نفسها في أتون الحروب المستمرة.والأمثلة على ذلك كثيرة التي تبين أن الانشغال بأمور الحياة والانهماك فيها من أفضل الوصفات المجربة والتي أعطت أكلها في محاربة التوتر والقلق وعدم الاكثرات به. كذلك الانشغال بالعمل والاقبال عليه بحب وشغف ورغبة من شانه أن يبدد القلق والتوتر،ومن هنا جاء "الطب الوظيفي"الذي يعالج الناس الذين يعانون من نوبات القلق والتوتر بواسطة الأعمال وخاصة اليدوية والتي تشجع على الابداع والابتكار،ولذلك قال "جون كوبربويز" في كتابه (فن نسيان الشقاء):"إن إحساسا بالإطمئنان والسلام النفسي والاسترخاء الهنيء يطغى على أعصاب الإنسان عندما يستغرق في العمل"...
اللاحق
« Prev Post
موضوع سابق
التالي »

اترك تعليقا ConversionConversion EmoticonEmoticon

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.