القصيدة :
يضع ابني علبة ألوانه أمامي
ويطلب مني أن أرسم له عصفورا..
أغط الفرشاة باللون الرمادي
وأرسم له مربعا عليه قفل..وقضبان.
يقول لي ابني ، والدهشة تملأ عينيه :
"..ولكن هذا سجن ..
ألا تعرف يا أبي ، كيف ترسم عصفورا ؟؟"
أقول له : يا ولدي ..لا تؤاخذني
فقد نسيت شكل العصافير...
**************
يضع ابني كراسة الرسم أمامي ..
ويطلب مني أن أرسم له سنبلة قمح.
أمسك القلم ..
وأرسم له مسدسا ..
يسخر ابني من جهلي في فن الرسم .
ويقول مستغربا :
ألا تعرف يا أبي الفرق بين السنبلة ..
والمسدس ؟
أقول له ياولدي ..
كنت أعرف في الماضي شكل السنبلة
وشكل الرغيف
وشكل الوردة ..
أما في هذا الزمن المعدني
في زمن السنابل المسلحة
والعصافير المسلحة
والثقافة المسلحة
فلا رغيف أشتريه ..
الا وأجد في داخله مسدسا
ولا وردة أقطفها من الحقل
الا وترفع سلاحها في وجهي
ولا كتاب أشتريه من المكتبة
الا وينفجر بين أصابعي...
نزار قباني .
يضع ابني علبة ألوانه أمامي
ويطلب مني أن أرسم له عصفورا..
أغط الفرشاة باللون الرمادي
وأرسم له مربعا عليه قفل..وقضبان.
يقول لي ابني ، والدهشة تملأ عينيه :
"..ولكن هذا سجن ..
ألا تعرف يا أبي ، كيف ترسم عصفورا ؟؟"
أقول له : يا ولدي ..لا تؤاخذني
فقد نسيت شكل العصافير...
**************
يضع ابني كراسة الرسم أمامي ..
ويطلب مني أن أرسم له سنبلة قمح.
أمسك القلم ..
وأرسم له مسدسا ..
يسخر ابني من جهلي في فن الرسم .
ويقول مستغربا :
ألا تعرف يا أبي الفرق بين السنبلة ..
والمسدس ؟
أقول له ياولدي ..
كنت أعرف في الماضي شكل السنبلة
وشكل الرغيف
وشكل الوردة ..
أما في هذا الزمن المعدني
في زمن السنابل المسلحة
والعصافير المسلحة
والثقافة المسلحة
فلا رغيف أشتريه ..
الا وأجد في داخله مسدسا
ولا وردة أقطفها من الحقل
الا وترفع سلاحها في وجهي
ولا كتاب أشتريه من المكتبة
الا وينفجر بين أصابعي...
نزار قباني .
أكتشف النص :
-ماذا تلاحظ على بداية المقطعين ؟
-ماذا تلاحظ على بداية المقطعين ؟
-المقطعان يبدآن بعبارة : يضع ابني علبة ألوانه،يضع ابني كراسة الرسم أمامي.
-ماهي علاقة تلك البداية بعنوان النص؟
- درس في الرسم عنوان مرتبط بالألوان والكراسة كأدوات للرسم.
-في النص حوار بين شخصين حددهما؟
- يدور الحوار بين الأب وابنه.
- ماذا تلاحظ على الطريقة التي كتبت بها هاته القصيدة؟
- إذا قارنا هذه القصيدة بقصيدة نداء مثلا نلاحظ بأنها كتبت على شكل أسطر وهذا مما يسمى بالشعر الحر.
أفهم النص:
-بالنسبة لكل مقطع على حدة :
أ - ماذا طلب الابن من الأب ؟
- طلب الابن من الأب أن يرسم له عصفورا.
ب - ما هو شعور الابن؟
- عندما طلب الابن من أبيه أن يرسم له عصفورا رسم له شكلا يرمز إلى السجن مما أثار دهشة الطفل.
ج - بماذا يعتذر الأب ؟
- أمام دهشة واستغراب الطفل عند رؤية الشكل الذي يرمز إلى السجن ،يفسر الأب ذلك بأنه نسي شكل العصفور.
- ماذا يعني الأب ب: الزمن المعدني؟
- يقصد الأب بالزمن المعدني زمن السلاح والرصاص ومشاهد الدمار التي تكدست في ذاكرته حتى نسي شكل العصفور والسنبلة والرغيف هذه الاشياء التي ترمز إلى الحياة.
- هل تغيرت فيه الأشياء إلى ماهو إيجابي أم إلى ماهو سلبي؟ ولماذا؟
- في هذا الزمن الذي يراه الأب معدنيا مسخت الأشياء وتغيرت إلى ماهو سلبي لدرجة يتخيل معها أن كل جانب من جوانب الحياة فيه سلاح .
- ماعلاقة ذلك بالأب وبرسومه؟
- يتخيل الأب أن الأشياء التي ترمز إلى الحياة مثل العصفور والوردة والسنبلة والرغيف وحتى الكتب ، قد تسلحت هي بدورها وتلوح في وجهه مهددة إياه ، ولذلك فقدت هذه الأشياء وظيفتها الطبيعية ومسخت وتحولت فرسمها الأب كما يراها في خياله.
- في النص تناقض بين عالم الابن وعالم الأب ، بين ذلك التناقض؟
- من خلال النص يبدو أن عالم الابن وعالم الأب متناقضان ،فالطفل بريء يحب الاستمتاع بالحياة ،ورسم الاشياء الجميلة النابضة بالحياة ،عكس والده الذي يصور له خياله أن السلاح منتشر في كل مكان ،وأن الموت يتربص به أينما حل وارتحل.
- من يقدم درسا في الرسم للآخر الأب أم الابن؟
- الطفل يطلب من والده أن يرسم له بعض الأشياء من الطبيعة ، لكن الأب فاجأ ابنه برسم أشكال ترمز إلى الحرب والدمار إذن فالاب هو الذي يقدم درسا مشوها في الرسم لأنه تعمد ذلك حتى يعبر عن رفضه لأشكال مضايقات الاحتلال وتنغيص حياة المواطنين الأبرياء .
-ماذا ينتقد الشاعر في هذا النص؟
- يهدف الشاعر من خلال هذه القصيدة إلى تصوير حياة الشعب الفلسطيني التي صبغت بألوان الموت والدماروينتقد أشكال القمع وتكدير صفو الحياة وتهديد المواطنين وحرمانهم من كل شيء يضمن لهم البقاء والعيش في سلام.
تذوق النص:
-وظف الشاعر معجما لغويا حافلا بالكلمات التي تخلق صورا متناقضة من مثل : القمح و الرغيف اللذان يرمزان إلى الحياة .والمسدس يرمز الى الموت.العصفور يوحي بالحرية والانعتاق مقابل السجن .الزمن الماضي زمن البراءة والهناء والسلام مقابل الزمن المعدني في إشارة الى السلاح والرصاص.
الحقول الدلالية في النص:
- حقل الطبيعة : العصفور-سنبلة قمح -الرغيف - الورد.-الحقل
- حقل فن الرسم :علبة الالوان- اللون الرمادي- الفرشاة-أرسم-كراسة الرسم-القلم-فن الرسم.
- حقل السلاح والاستعباد : مربع عليه قفل-قضبان-سجن -مسدس- الزمن المعدني-السنابل المسلحة-ترفع سلاحها في وجهي-ينفجر بين اصابعي. ونلاحظ بأن حقل السلاح هو الغالب في النص دلالة على استنكار الشاعر لحياة القمع والعبودية.هناك صور شعرية معبرة في النص مثل :"ولا وردة أقطفها من الحقل إلا وترفع سلاحها في وجهي- ولا كتاب أشتريه من المكتبة إلا وينفجر بين أصابعي.
*ملاحظة النص واستكشافه:
- العنوان :جملة إسمية مبتدأها محذوف،(هذا درس في الرسم) يدل على الدرس الذي قدمه الأب لابنه في رسم لوحة تعكس ما يراه من أشكال القمع واغتصاب الحق في الحياة.
- صاحب النص: نزار قباني شاعر سوري ولد سنة 1923له دواوين شعريةكثيرة منها :"الرسم بالكلمات ""قصائد متوحشة "هوامش على دفتر النكسة".توفي سنة 1998.
- مصدر النص : من كتاب" نزار قباني ومشكلات الابداع الفني ل"عبد العزيز شرف ومحمود الهندي"
- مجال النص : يندرج النص ضمن المجال الوطني والانساني.
- نوعية النص : النص عبارة عن قصيدة من الشعر المعاصرأو ما يسمى بالشعر الحر أحد انواع الشعر العربي الأكثر أنتشارا، ظهر منذ الثلاثينيات وله عدة تسميات منها " الشعر المرسل" أو "النظم المرسل المنطلق" أو "الشعر الجديد" أو "شعر التفعيلة"، أما بعد الخمسينيات فقد أطلق عليه مصطلح "الشعر الحر"ومن أشهر شعرائه العرب :" بدر شاكر السياب - محمود درويش- نازك الملائكة -عبد المعطي حجازي- نزار قباني"...
-الشرح اللغوي:
أغُطُّ الفرشاة : من غط أي غمس غط القلم في المداد.
لا تؤاخذني: لاتلمني ،لاتعاتبني.
كراسة:دفتر.
يسخر: يستهزيء ،يضحك.
الفكرة العامة :
* يقدم الأب لابنه درسا غريبا في رسم أشكال ترمزإلى معاني الظلم وانتهاك حقوق الانسان عكس ماكان يتوقع الطفل من والده أن يرسم له أشياء من الطبيعة ترمز إلى الحياة.
الافكار الاساسية :
*يطلب الابن من والده أن يرسم له عصفورا فيرسم له شكلا يرمز إلى السجن.
* يرسم الأب مسدسا عوض السنبلة كما طلب منه الابن ذلك.
* يتخيل الأب صور السلاح والدمار متجسدة في كل اشكال الحياة.
التركيب:
- تعكس القصيدة مدى معاناة الانسان من الظلم والقهر والقمع واغتصاب الحق في الحياة ،فالشاعر تقمص دور الأب الذي يلبي طلبات ابنه البريء في مجال الرسم بشكل غريب ،أثار دهشته وجعله يتساءل عن السبب الذي جعله يرسم مجموعة من الصور تحمل معاني الموت ،لايشم منها إلا رائحة الرصاص والدماروكأنه أصيب بعمى الألوان!! يرسم أشياء مناقضة لما يطلبه الطفل من أشكال تنبض بالحياة وترمز إلى معاني الحرية والسلام،ولكن الأب يطلب منه أن يعذره ولايؤاخذه على هذا الدرس المشوه،لأن هذه هي الرؤية التي أصبح يرى بها الأشياء في هذا الزمن المعدني زمن السلاح ورائحة الموت الممزوجة برائحة الرغيف والورد والمدسوسة حتى في الثقافة والكتاب. صور ومشاهد القتل والخراب التي تعود عليها الأب منذ طفولته،جعلته يفقد طعم الأشياء ويراها على نقيض ما يراها الطفل البريء المتعطش إلى الحياة في عالم يسوده السلام.