شرح ألفية بن مالك

التعريف بصاحب الالفية


هو جمال الدين محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الإمام العلامة الأوحد الطائي الجيّاني الأندلسي، المالكي حين كان بالمغرب الشافعيّ حين انتقل الى المشرق، النحوي نزيل دمشق وتلميذه ابن عمرون وغيره بحلب، وتصدير بها لإقراء العربية، وصرف همته الى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيها الغاية، وأربى على المتقدمين. وكان إماما في القراءات وعالما بها، وصنّف فيها قصيدة دالية مرموزة في قدر الشاطبية وقد روى عنه الألفية شهاب الدين محمود المذكور، ورواها الصفديّ خليل عن شهاب الدين محمود قراءة، ورواها إجازة عن ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر، وعن شهاب الدين بن غانم بالإجازة عنهما عنه. وأما النحو والتصريف فكان فيهما ابن مالك بحرا لا يجارى، وحبرا لا يبارى.
 وأما اطّلاعه على أشعار العرب التي يستشهد بها على النحو واللغة فكان أمرا عجيبا وكان الأئمة الأعلام يتحيّرون في أمره. وأما الاطلاع على الحديث فكان فيه آية، لأن أكثر ما يستشهد بالقرآن، فإن لم يكن فيه شاهد عدل الى الحديث، وإن لم يكن فيه شاهد عدل الى أشعار العرب؛ هذا مع ما هو عليه من الدين المتين والعبارة وصدق اللهجة وكثرة النوافل وحسن السّمت وكمال العقل. ومن تصانيف ابن مالك " الموصّل في نظم المفصّل" وقد حلّ هذا النظم فسماه: سبك المنظوم، وفك المختوم، ومن قال: ان اسمه فك المنظوم وسبك المختوم فقد خالف النقل والعقل. 
ومن كتب ابن مالك "لكافية الشافية" ثلاثة آلاف بيت وشرحها، و"الخلاصة" وهي مختصر الشافية و" إكمال الأعلام بمثلث الكلام" وهو مجلّد كبير كثير الفوائد يدل على اطلاع عظيم و"لامية الأفعال وشرحها" و" فعل وأفعل" و"المقدمة الأسديّة" وضعها باسم ولده الأسد و" عدّة اللافظ وعمدة الحافظ" و" النظم الأوجز فيما يهمز" و"الاعتضاد في الظاء والضاد" مجلد و" إعراب مشكل البخاري" و" تحفة المودود في المقصور والممدود" وغير ذلك كشرح التسهيل.
 كان ذا عقل راجح حسن الأخلاق مهذبا ذا رزانة وحياء ووقار وانتصاب لللإفادة، وصبر على المطالعة الكثيرة، تخرّج به أئمة ذلك الزمان كابن المنجي وغيره، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لها العلماء الأعيان، وكان حريصا على العلم حتى انه حفظ يوم موته ثمانية شواهد.

وحكى أنه توجه يوما مع أصحابه للفرجة بدمشق فلما بلغوا الموضع الذي أرادوه غفلوا عنه بسويعة فطلبوه فلم يجدوه ثم بحثوا عنه فوجدوه منكبّا على أوراق، وأغرب من هذا ـ في اعتنائه بالعلم ـ ما مرّ أنه حفظ يوم موته عدّة أبيات؛ حدّها بعضهم  بثمانية؛ لقنه ابنه إياها، وهذا مما يصدق ما قيل:" بقدر ما تتعنّى تنال ما تتمنّى" فجزاه الله خيرا عن هذه الهمّة العليّة.
عند صدور كتاب "ألفية ابن مالك" اهتم به كبار علماء النحو واللغة ، وانكبواعليه بالشرح والتبيين ،ومن أشهر هؤلاء العلماء :"ابن عقيل القرشي"وعلي بن محمد الأشموني".

  شرح ألفية بن مالك

والآن لنشرع في شرح ألفية بن مالك :
يقول ابن مالك في مستهل كتابه : 
-" قال محمد هو ابن مالك          أحمد ربي الله خير مالك
- مصلّيا على النبي المصطفى   وآله المستكملين الشّرفا
- وأستعين لله في ألفيّه              مقاصد النّحو بها محويّه
- تقرّب الأقصى بلفظ موجز     وتبسط البذل بوعد منجز
- وتقتضي رضا بغير سخط     فائقة ألفيّة ابن معطي
- وهو بسبق حائز تفضيلا        مستوجب ثنائي الجميلا
- والله يقضي بهبات وافرة        لي وله في درجات الآخرة"
* الكلام ومايتألف منه :
- كلامنا لفظ مفيد كاستقم        واسم وفعل ثم حرف الكلم

معنى هذا البيت أن كلامنا نحن معشر علماء اللغة واالنحوعبارة عن لفظ يحمل معنى يفيد ما يقصده المتكلم وينطق به من عبارات وجمل تطول أو تقصر حسب المقام عندما يتلقاها السامع تحصل لديه الفائدة ولا ينتظر زيادة في التوضيح فإذا قلت:الحاسوب معطل ،فالسامع فهم المقصود من هذا اللفظ وتحققت الفائدة ولاحاجة للزيادة على هذا الكلام وإلااعتبر حشوا أوإطنابا.ومتى كان التركيب تاما موافقا لسياق الكلام مراعيا للقواعد والضوابط اللغوية ولا ينقصه شيء حصلت الفائدة ،فإذا قلت:ضَرَبَ زَيْدُُ،هذاكلام،ولفظ حسب تعبير ابن مالك،ولكن هل هو كلام مفيد ،أو لفظ مفيد؟الجواب :لا.لأن الجملة ناقصة ،ضرب زيد من؟ أو ماذا؟وإذا قلت نفس الجملة مع تغييرحركات الجزء الأول منها أي الفعل ،ضُرِبَ زَيْدٌ،هكذا صارالكلام مفيدا لأنه تام وفُهِم المقصود من هذة العبارة ،أوإذا قلت:ضرب زيد عمروكذلك تم الكلام وحصلت الفائدة .وقد ساق الناظم مثالا على ذلك بقوله:"كاستقم"،فهذا فعل على وجه الأمريفهم منه الأمر بالإستقامةالموجه إلى المخاطب(أنت)في المذكر طبعا،لايحتاج إلى زيادة رغم أنه كلام قصير يتكون في الظاهر من كلمة واحدة ،فهو جملة تامة من كلمتين :استقم أنت.المعنى مفهوم ، والفائدة متحققة.
"الكَلِم"مفرده كلمة،وهو كلام الناس الذي يتكون من الاسم والفعل ثم الحرف . فالإسم مادل على شيء مجرد عن الزمان،والفعل مادل على حدث مقترن بزمان معين والحرف لايستقيم معناه إلاعند ربطه بغيره (ب غيره)لاحظ الحرف الباء ودوره في هذه الجملة.ولا داعي للخوض في مسألة :هل الكلام يتكون فقط من هذه العناصر الثلاثة أي :الإسم والفعل والحرف ؟فالعلماء قد أجمعوا على هذا التقسيم من خلال الاستقراء والاستنباط .
اللاحق
« Prev Post
موضوع سابق
التالي »

اترك تعليقا ConversionConversion EmoticonEmoticon

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.